الحكومة المغربية تقرر الاقتطاع من أجور الموظفين المضربين

الحكومة المغربية تقرر الاقتطاع من أجور الموظفين المضربين

أعلنت الحكومة المغربية الأسبوع الماضي أنها ستقتطع أجر أيام الإضراب عن العمل من أجور الموظفين المضربين. وقد أثار القرار سخط النقابات على نطاق واسع.

وقد اعتبرت النقابات هذا الإجراء غير قانوني ويناقض الدستور المغربي الذي ينص صراحة على أن حق الإضراب مكفول. من جهتها ترى الحكومة أن الإجراء يستجيب لمبدأ "الأجر مقابل العمل"، المتعارف عليه عالميا.

وقد سجلت الإضرابات الفئوية تزايدا متصاعدا خلال الأسابيع الماضية في المغرب، حيث تراوحت مدتها بين 24 ساعة و72 ساعة. كما ظهرت دعوات جديدة للإضراب خلال الأسبوع المقبل، منها إضراب قطاع الصحة يومي 4 و5 أبريل، وإضراب معلمي التعليم الابتدائي والإعدادي يومي 3 و4 أبريل.

وشهدت الإضرابات تزايدا قويا في المغرب مند بداية الأزمة المالية العالمية في سنة 2007، وتفاقم الوضع خلال العام الماضي على خلفية تداعيات الربيع العربي وانتشار الاحتجاجات الفئوية في المنطقة. فقد تضاعف عدد الإضرابات خلال سنة 2011 مقارنة بالسنوات السابقة.

وفي هذا الصدد، قال مصطفى الخلفي وزير الاتصال خلال مؤتمر صحافي عقد عقب اجتماع مجلس الحكومة يوم 29 مارس "لقد اتخذت الحكومة قرار الإقتطاع من أجور الموظفين المضربين، وقررت تشكيل لجنة وزارية لمناقشة موضوع الإضرابات ووضع سياسة متكاملة لمعالجة مشكلة الاحتجاجات". .

وأضاف الخلفي أن الحكومة ستدرس مطالب المضربين، إلا أن ذلك لن يمنع تطبيق قرار الإقتطاع من الأجور

وقال العربي بلعربي نائب الأمين العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل لمغاربية "إن قرار الاقتطاع من أجور الموظفين يهدف إلى التضييق على حرية العمل النقابي، ويشكل تراجعا في نوعية خطاب الحكومة الذي يبشر بالديمقراطية".

وأضاف بلعربي "إذا كانت الحكومة تريد أن تكون منسجمة مع خطابها فعليها أن تفتح حوارا شاملا مع مختلف مكونات المجتمع لتقف على حقيقة الأوضاع وحجم الفقر والتهميش والإقصاء الذي تعاني منه الفئات العريضة من المجتمع المغربي".

ويرى بلعربي أن تهديدات الحكومة بالإقتطاع من الأجور لن توقف حركة الإحتجاجات في المغرب، وقال "التهديد بالإقتطاع من الأجور لن يوقف الاحتجاجات من أجل السكن أو المظاهرات ضد غلاء فواتير الماء والكهرباء أو الوقفات الاحتجاجية للعاطلين عن العمل. فماذا بإمكان الحكومة أن تقتطع من هؤلاء الذين ليس لهم أصلا أي دخل؟".

وفي حديث لمغاربية قال بابا النتيوي، مسؤول قطاع الصحة في الإتحاد العام للشغالين بالمغرب "تبدو الحكومة كمن يصب الزيت على النار. فالسبب الرئيسي في استمرار الإضرابات هو مماطلة الحكومة في تطبيق الاتفاقيات المبرمة مع النقابات".
وتعهدت حكومة عبد الإله بنكيران في ميزانية سنة 2012 المعروضة على البرلمان بتطبيق الإتفاقيات التي توصلت إليها الحكومات السابقة مع النقابات. وأشارت إلى أن الزيادات المتوقعة في الأجور نتيجة تطبيق هذه الإتفاقيات تقدر بنحو 14 مليار درهم، وهو مبلغ سيثقل عجز الميزانية الكبير الناتج عن مصاريف دعم الأسعار الداخلية للطاقة والمواد الأولية.

ويرى المحلل السياسي نذير المومني أن الأثر المرتقب للإقتطاع من الأجور على خلفية الإضرابات والاحتجاجات سيكون متفاوتا حسب القطاعات. كما أن الحكومة ستصادف في تطبيقه مشكلة قانونية، حيث لا يوجد أي سند قانوني لهذه الإقتطاع.

ويقول المومني "الدستور المغربي يكفل حق الإضراب ويربطه بإصدار قانون منظم للإضرابات، غير أن أية حكومة من الحكومات التي تعاقبت على حكم المغرب منذ 1962 لم تستطع إصدار قانون منظم للإضراب".

وأعلنت حكومة بن كيران أن إصدار قانون الإضراب يعتبر من ضمن أولوياتها، إضافة إلى قانون للنقابات الذي يهدف، حسب الحكومة، إلى تطوير وترشيد العمل النقابي في المغرب.